الأحکام المتعلّقة بميراث النّفس غير المکتملة

المؤلف

عضو الهيئة التّدريسيّة بکلية الشريـعة بالجامعة الإسلاميّة بالمدينة المنوّرة

المستخلص

إن علم الفرائض من العلوم جليلة القدر، فهو نصف العلم کما أخبر بذلک النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أول علم يرفع من الأرض، وقد أرشدنا إلى تعلمه وتعليمه للناس، ولعظم مکانة هذا العلم نجد أنه سبحانه قد تولى قسمة المواريث بين المستحقين على أحسن وجه، وفرض الفرائض بعلمه الواسع، وحکمته البالغة، وبيّن ذلک في کتابه العزيز، وعلى لسان رسوله محمدٍ، ولقد کان من سمة أهل الجاهلية، منْع بعض المستحقّين من الميراث، کالمرأة والصبي، وذلک بحجج واهية، مبنيّة على الظلم والجهل.
 فقدّر لکلّ نفسٍ ما ترثه من غيرها، وما يرث غيرُها منها، حتّى وإن کان ذلک قبل اکتمال خلقها، وهذا يدل على کمال هذه الشريعة، وصلاحيتها لکل زمان ومکان، وأنها جاءت لحفظ حقوق العباد وتحقيق مصالحهم.
وسيتناول الباحث في هذا البحث مسألة من مسائل علم الفرائض، وهي الأحکام المتعلقة بميراث النفس الغير مکتملة، وذلک من خلال تعريف الميراث في اللغة وفي اصطلاح الفقهاء، وبيان حکم ميراث النفس الغير مکتملة، وذلک بذکر الأقوال في المسألة، مبيناً أدلة کل قول، وصولاً إلى القول الراجح، موضحاً شروط إرث الحمل، والحياة التي يستحق بها الإرث أو الدية، وکيفية توريث النفس غير المکتملة.
وقد خلص البحث إلى عدة نتائج منها: إذا مات شخصٌ عن حملٍ، فإنّ له نصيباً من الميراث، من غير خلاف بين العلماء، وذلک لأنّه وإن کان نطفةً في الرحم فهي مُعَدّة للحياة ولِأن يکون منها شخصٌ حيٌّ، فتُعطى حکم الحياة باعتبار المآل، کما يُعطى البيض حکم الصيد في وجوب الجزاء على المحرم إذا کسره، وأنّه لا يُدفع شيءٌ لشرکاء الحمل في الإرث ما لم يُتيقَّن من عدده وجنسه، بل يُجبرون على الانتظار حتى يتبيّن أمر الحمل، وذلک لما في توريثهم من احتمال ضياع حق الحمل بعد ما أخذوا أنصباءهم واستهلوها.
 وأنّه إذا وُجد منه ما يدلّ على الحياة حُکم بحياته، سواء کان ذلک بتحرّکٍ، أو تنفّس، أو صياح، أو رضاع، فإنّ العلامات التي تدلّ على الحياة ليست منحصرة في الاستهلال، وإذا أدّت الجناية على حاملٍ إلى إسقاط جنينها، فإنه يجب على الجاني غُرّة، وتکون موروثة عن الجنين، وأنّ الغُرّة موروثة على فرائض الله، هو الراجح في هذه المسألة، وذلک لأن الجنين وإن کان متّصلا بأمه، إلاّ أن الشرع أفرده بالحکم، فأوجب فيه الغُرّة، ولأنّه أوجبها فيه من غير أن يقيِّد ذلک بکون الجناية وقعت على منفوخٍ فيه الروح.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية