المدرس في قسم اللغويات بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية- جامعة الأزهر
المستخلص
لقد بذل النحاة مجهودات عظيمة في تقعيد القواعد، وفقا للكثير المطرد، ولكن ورد عن العرب نصوص مخالفة للأحكام التي قرروها، فلجأ النحاة إلى نية تأويلها لموافقة الحكم النحوي، ومن ذلك قولهم في علة نصب (الجماءَ الغفير) على الحال، وفيه الألف واللام، هو على نية التنكير، بمعنى أنهم ذهبوا إلى تأويله وتقديره باسم نكرة. فظاهره مخالف، ولكنهم يقدرونه بما يتوافق مع القاعدة النحوية. وقد تفطن النحاة مبكرا إلى أهمية التأويل، وأثر المقدر المنوي في الإعراب، وتقعيد القواعد والأحكام النحوية، فاعتنوا بالمنوي، وتعاملوا معه كأنه موجودة في اللفظ،، فالنية عندهم تصور لوجود الشيء، كذلك تعددت الأوجه الإعرابية في المسألة الواحدة حسب تقدير النية، ومن الأمثلة على ذلك عند تأخر (ظن) أو توسطها بين معموليها، جاز الأعمال بنية الشك، وجاز الإهمال على نية اليقين. وتعددت أحوال (قبل) و(بعد) حسب حالة المضاف إليه، فإنهما يعربان إذا ذكر المضاف إليه، وإذا حذف المضاف إليه ونوي لفظه، أعرب على تقدير وجود المضاف إليه؛ لأنه منوي، نحو: (جئت قبلَ) أي: قبل الفجر، ولا ينون كما لو كان المضاف موجودا، فعدم التنوين هنا دليل على نية الإضافة، ولذلك إذا لم ينو لفظه ولا معناه أعرب ونون. أما إن نوى معناه فقط دون لفظه بني على الضم. إلى غير ذلك من الأمثلة، وقد اختلفت وجهات نظر النحاة في المسألة الواحدة، بناء على النية التي قدروها، والنية في الدرس النحوي عملية تفكير وتفسير للظاهر، وليست نية لفظ محذوف فقط، ولكن لها صورا متعددة، كنية التنكير، ونية الإضافة، ونية الانفصال، ونية الطرح، وغير ذلك. ثم كانت الخاتمة، واشتملت على أبرز النتائج التي توصلت إليها