الإلحـــــاد بيــن حــرية الإنسان وقضية الـــردة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الشرعية الإسلامية کلية الدراسات القانونية والمعاملات الدولية جامعة فاروس بالإسکندرية

المستخلص

خلق الله الناس على الفطرة السوية وحسن الاستقبال للآيات الکونية، وجعله قادرا على التأمل والتدبر والتفکر، وعندما شذ بعض البشر عن هذا الأصل الإلهي، رحمهم الله فأرسل إليهم الرسل والأنبياء، عساهم إلى ربهم يهتدون، فاهتدى من صفى قلبه واستقام فکره، ومن الناس من ضلّ وأُقفل قلبه، ولم يزده ماله وولده إلا خسارا، وسلکوا طريق الغي واتخذوه سبيلا. وقد زين الشيطان للإنسان الکفر وسوء العمل، واتبعه أصحاب القلوب المظلمة، ففسقوا، وجحدوا حق الخالق. فمنهم من اتخذ وثنا أو صنما، ومنهم من عبد النجوم والسماء، ومنهم من عبد البشر، وغير ذلک من المخلوقات العاجزة التي لا تملک لنفسها صرفا ولا عدلا، کما أن من هؤلاء الضلال من جحد الوجود الإلاهي بالکلية، ويرجع الوجود الکوني وما حصل فيه من عالم الخلق إلى الصدفة أو نظريات التوالد الذاتي للمادة وما بها من انبعاث للحياة.
وبالرغم من التقدم المذهل في مجال العلوم وما حققه الإنسان من مطالعات على کتاب الله المعجز وأسراره في کونه، إلا أنه هناک من يزالون في متاهات الضلالة والجحود والإنکار، وکأن على عيونهم غشاوات الظلم والظلمات، فلا يهتدون سبيلا، وعجزوا عن إدراک الإعجاز الإلهي ودلائل آياته على عظمته وألوهيته وربوبيته، واستحقاقه لجميع المحامد والطاعات. ثم تجاوزوا حدود العناد والاستکبار، فبلغوا الکفر البواح، ولم يروا إلا أنفسهم وملذاتهم، ودائرة الحياة المادية الضيقة، وخلعوا بعقولهم الضيقة وقلوبهم المظلة شبهات باطلة، يحاولون بها التلبيس على العوام، وعلى من تبعهم ممن تمکن فيهم الجهل، أو حجبوا عن نور الهداية.
ومن شأن انتشار هذا الفکر أن يهدد فطر الناس السوية، ويشککهم في أمر الدين والرسالة، واليوم الآخر، والصلاح والاستقامة على أمر الدنيا، ومن ثم فإن مناهضة هذه الأفکار من الواجبات الشرعية. بداية من توصيف هذا الفکر واتجاهات للوصول إلى إدراکه إجمالا وتفصيلا. والإحاطة بمدارکه وأساليبه وتنوعه. مع تأطير لمفهوم التخيير والتسيير، في إشکالية مفاهيم الجبر والاختيار. فهل جبره الله على ما هو عليه، وأن الله أراد له هذا، وليس لديه مکنة الانفکاک منه. بينما ناقض آخرون وأثبتوا مطلق الحرية غير المنضبطة لقدرة الإنسان، وأنه موجد أفعاله وخالقها استقلالا، فضلوا کذلک. ولعل الذي يذهب مذهبا في الإلحاد، قد يرکن إلى أحد هذين الاتجاهين بجانب أفکاره الأخرى، ليبرر لنفسه ضلالها، أو يجادل الناس ويماريهم، بغير سلطان من المنقول ولا المعقول. وذلک من أجل الوصول لأفضل طرق الرد عليه، وتفنيد مذاهبهم وزيف تصوراتهم، وباطل آرائهم، وبيان الحکم الشرعي فيهم، وفي عملهم.
 

نقاط رئيسية

 

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية