الِمنّة وأثرها في الحکم الشرعي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مساعد بکلية التربية سوق الجمعة قسم الدراسات الإسلامية جامعة الزيتونة

المستخلص

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد r وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعــد:
يتناول هذا البحث المنّة مبيناً فيه تعريفها، وأنواعها، وحکم کل نوع منها وأثرها الکبير على القواعد الأصولية والأحکام الشرعية، والحالات التي لا أثر للمنّة في الحکم الشرعي.
فقد عرف العلماء المنّة بأنها: "تعداد النعمة على الآخذ، وهي إما صادرة من المولى – عزّ وجل – لعباده، وامتنان الله على عباده بجمل من النعم، دليل على تفضله وتکرمه على البشر، وهي متمثلة في بعث الرسل والهداية للإسلام، وإباحة أنواع من الطيبات.
کما تکون المنّة صادرة من الإنسان على سبيل الاحتقار والتکبر فهي مذمومة من قبل الشارع، حيث عدّها من الکبائر، کما ذکر الفقهاء أنها إذا قارنت العمل الصالح من صدقة وهدية وهبة أبطلت ثوابه وحرمته الأجر.
ولما کان للمنّة أثر في استنباط الحکم الشرعي تطرق إليها الأصوليون في قواعدهم الأصولية؛ فنجد أن الأصل في الأمر إذا تجرد عن القرائن يفيد الوجوب، والقرائن الصارفة – أي التي تصرف الأمر عن الوجوب – کثيرة، منها: الامتنان، کالأمر في قوله تعالى:] وَکُلُوا مِمَّا رَزَقَکُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً[([1])، فالأمر في قوله (وکلوا) يدل على الإباحة؛ لأنه جاء على صفة الامتنان.
کما تناول الأصوليون المنّة في باب مفهوم المخالفة، فمن قال بمفهوم المخالفة، ذکر مواضع لا يؤخذ بها في مفهوم المخالفة، ومنها: إذا کان تخصيص المنطوق لأجل الامتنان.
أما أثر المنّة من الناحية الفقهية: فقد رتب الفقهاء على المنّة أحکاماً شرعية بسبب وجودها، مثل: عدم وجوب ستر العورة في الصلاة، وعدم وجوب الوضوء، وسقوط وجوب الحج، وغيرها من المسائل، فإذا اقترن معها منّة في إعطاء الساتر للعورة، أو الماء للوضوء، أو الدابة للحج عليها، لم يجب شيء منها، ولم يجب الأخذ لمقارنة المنّة.
 
إلا أن الفقهاء – ومن خلال تتبع المسائل الفقهية المتعلقة بالمنّة – لا يجعلون للمنّة أي اعتبار في الحکم الشرعي – مع وجودها صورة – وذلک إما لأن المنّة جاءت تبعاً لا أصالة، أو إنها يسيرة، ليس لها تأثير في الحکم.
 

الموضوعات الرئيسية