يدور هذا البحث حول موضوع «التقادم الصرفى بين فکرة استقرار المراکز القانونية وقرينة افتراض الوفاء»؛ والذى أثير فيه التساؤل حول الأساس الحقيقى للتقادم الصرفى أيکون فکرة استقرار المراکز القانونية أم قرينة افتراض الوفاء أم الأثنين معاً؟ وقد انتهى البحث إلى أن معطيات الفن القانوني ومقتضيات الصنعة القانونية تأبى أن يستند التقادم إلى قرينة افتراض الوفاء بصفة مطلقة لأنها لا يتفق فى کثير من الأحوال مع الواقع، إذ قد يتمسک المدين بالتقادم رغم إقراره بأنه لم يوف بالدين. ومع ذلک لا يکون هذا مانعاً من الاحتجاج بالتقادم بالإضافة إلى أن هذه القرينة – بفرض وجودها - هى قرينة قاطعة لا تقبل إثبات العکس، ولم ينص المشرع التجارى صراحة عليها کأساس يقوم عليه التقادم الصرفى، ناهيک على أن القانون المدنى ينص صراحة على انشغال ذمة المدين بالتزام طبيعى رغم ابراءه من الدين بفعل مرور الزمن. کذلک لا يمکن الارتکان إلى الرأى الذى يقول بأن التقادم المسقط يقوم على أساس قرينة الإبراء من جانب الدائن؛ لأن هذا القول يناقض القاعدة التى تقرر أن «النزول عن الحق لا يفترض» فضلاً عن أن الوقائع قد تنقض افتراض الإبراء فى کثير من الأحيان. والواقع أن إعتبارات الصالح العام والنظام العام هى التى تبرر التقادم، ويفرضان إحترام الأوضاع المستقرة وعدم قلقلتها. وليس هناک من شک فى أن حماية الوضع المستقر من شأنها عدم تمکين الدائن من مطالبة مدينه بدين مضى على استحقاقه مدة طويلة من الزمن، وذلک حماية المدين وخلفائه من المطالبة بديون مضى على حلول أجلها فترات زمنية طويلة خاصة وأن المدين قد يکون أوفاها دون أن يحتفظ بسند المخالصة بسبب تساهله أو عدم حرص منه. ومع ذلک فقد يقيم المشرع فى بعض الأحوال على قرينة الوفاء وحدها؛ وهو عندئذ لا يجيز التمسک بالتقادم إذا صدر من المدين ما يهدم هذه القرينة إذا صدر حکم بالدين أو أقر به المدين فى سند مستقل إقراراً يترتب عليه تجديد الدين.